العائدات إلى الله
الأربعاء سبتمبر 22, 2010 6:31 pm
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد ، فقد سبق وأن أشار عليَّ كثير من الإخوة بتخصيص جزء خاص للأخوات التائبات ينفردن به عن الذكور ، ولكن لم ينشرح صدري لذلك لأسباب عدة ؛ حتى اجتمع لدي عدد لا بأس به من القصص مما يتعذر نشره في كتيب واحد ، فرأيت أن أعمل بتلك المشورة .
هذا وأسأل الله المثوبة والسداد ..
والله الموفق
اخوكم ابو عمرو
توبة الممثلة شهيرة
لا تزال قوافل التائبين والتائبات ماضية ؛ لا يضرها نكوص الناكصين ، ولا نبح النابحين ، ولسان حالها يقول :
إذا الكلب لا يؤذيك إلا بنبحه فدعه إلى يوم القيامة ينبحُ
وإنّ من أواخر من التحق بركب الإيمان ، الممثلة شهيرة أو عائشة حمدي كما هو اسمها الحقيقي .. أترككن معها لتروي لكنَّ رحلتها من الظلمات إلى النور .. تقول :
( الحمد لله ) .. هي الكلمة الوحيدة التي لا أجد أحلى منها الآن لأرددها على لساني .. فقد تردّدتْ حولي منذ فترة طويلة كثير من الشائعات حول نيتي الاعتزال والاحتجاب ، إلا أن حقيقة ما حدث أنه منذ عام ونصف شاهدت رؤيا في المنام كان معناها أن الله يطلب مني أن أفتح كتاباً وأقرأه ، فبدأت أتردد على مجالس الذكر في المساجد ، وأقرأ الكتب الدينية بشغف شديد ، وخلال هذا كله كانت تراودني فكرة (الححاب) ولكن كانت تنقصني الشجاعة اللازمة لاتخاذ هذه الخطوة .
وعند ما جاءتني الفرصة تمسكت بها ، وكان ذلك في يوم الجمعة ، وكان من عادتي أن أبكي بشدة في صلاة الجمعة ، ولا أدري لذلك سبباً معيناً .. إنها مجرد عادة ، وأنا أبكي في صلواتي كثيراً ، لكن صلاة الجمعة بالتحديد تثير في نفسي الشجن .
وفي ظهر يوم من أيام الجمعة ؛ وجدت نفسي أردد بعد صلاتي الكثير من الأدعية ، ووجدت لساني يلهج بحمد الله عز وجل ، ويردد رغماً عني وبشكل متدفق : (( اللهم وفقني لما فيه الخير لي )) ..
ظللت أكرر هذا الدعاء عشرات المرات ، وعَصَفَتْ بي موجة من البكاء ، ورحت في عالم رحب كله حب الله ، وأمسكت بالمصحف ، وفتحته ، فإذا بعيني تقع على الآية الكريمة : ((قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) ( الأعراف : 158 ).
فشعرت بقشعريرة زلزلت كياني ، وأكملتُ قراءة السورة الكريمة حتى نهايتها ، ومع آخر كلمة من السورة كنت قد اتخذت قراري بارتداء الحجاب واعتزال التمثيل ، وأذكر أنني ليلتها لم أنم ، وانتابتني حالة من التيقظ غير العادي ، وغفوت لمدة ساعة ثم صحوت بعدها على صلاة الفجر ، والغريب أنني منذ التزامي أصحو على صلاة الفجر ، ومن قبلُ كنت أنام إلى منتصف النهار ...
والآن .. أنا سعيدة للغاية حيث أكرمني الله عز وجل ، وهداني إلى نور الحق .. والحمد لله أني اتخذت هذا القرار في الوقت المناسب .
وحول سؤالها عن سبب اعتزالها ( الفن ) قالت :
اعتزلت التمثيل لرغبتي في البعد عن الأضواء والشهرة ، وأن التقي بالله سبحانه وتعالى بدون دنيا زائفة .. كما أن الرائج الآن في سوق الفن هو اللعب على غرائز المتفرج .. العنف .. الأعمال البلهاء .. الكوميديا الرخيصة .. وللأسف هذا هو الذي يحظى بالرواج !!!
وحول ما يشيعه البعض من تلقي التائبات أموالاً من جهات مجهولة (!!! ) مقابل التوبة ... ترد عائشة ( شهيرة سابقاً )) فتقول :
حسبي الله ونعم الوكيل .. هذا غير صحيح .. دافعنا إلى الاعتزال كان أسمى من كل القيم المادية .. لقد اخترنا الطريق الذي نشعر فيه بالرضا عن النفس ..
وحول جهودها في مجال الدعوة تقول .
حقيقة ما زلت في بداية الطريق ، وأحتاج إلى الكثير جداً من العلم والمعرفة بأمور ديني ، ولكن ما أتذوقه الآن من حلاوة ، وما أشعر به من الرضا والسعادة أحاول جاهدة أن أنقله إلى جميع من حولي ، فبرغم ثقافتي الدينية البسيطة ، إلا أنني بتلقائية شديدة أتكلم معهن عن بديهيات الأمور ، وأولويات الإيمان ، وأنقل إليهن أولاً بأول ما أقرأه وأتعلمه ، وأحاول إقناعهن بما اقتنعت به من أن الحجاب فرض وأمر إلهي كالصلاة والصوم والزكاة ..لا يحتاج إلى مناقشة أو تردد .
والحمد لله أن حباني موهبة الإقناع ، ولا أجد من الكلمات ما أصف به مشاعري بالحسنة التي يرزقني الله إياها عند ما تأتي مجالس العلم بثمرة طيبة بحجاب إحدى الأخوات ، وأتمنى من الله وأدعوه أن يجعل مني قدوة صالحة في مجال الدعوة إليه ، كما كنت من قبل قدوة لكثيرات في مجال الفن ( )
توبة الداعية سوزي مظهر على يد امرأة فرنسية
سوزي مظهر لها أكثر من عشرين عاماً في مجال الدعوة إلى الله ، ارتبط اسمها بالفنانات التائبات وكان لها دور دعوي بينهن .. روت قصة توبتها فقالت :
تخرجت من مدارس ( الماردي دييه ) ثم في قسم الصحافة بكلية الآداب ، عشت مع جدتي والدة الفنان أحمد مظهر فهو عمي ... كنت أجوب طرقت حي الزمالك ، وأرتاد النوادي وكأنني أستعرض جمالي أمام العيون الحيوانية بلا حرمة تحت مسميات التحرر والتمدن .
وكانت جدتي العجوز لا تقوى عليّ ، بل حتى أبي وأمي ، فأولاد الذوات هكذا يعيشون ؛ كالأنعام ، بل أضل سبيلاً ، إلا من رحم الله عز وجل .
حقيقة كنت في غيبوبة عن الإسلام سوى حروف كلماته ، لكنني رغم المال والجاه كنت أخاف من شيء ما .. أخاف من مصادر الغاز والكهرباء ، وأظن أن الله سيحرقني جزاء ما أنا فيه من معصية ، وكنت أقول في نفسي إذا كانت جدتي مريضة وهي تصلي ، فكيف أنجو من عذاب الله غداً ، فأهرب بسرعة من تأنيب ضميري بالاستغراق في النوم أو الذهاب إلى النادي .
وعند ما تزوجت ؛ ذهبت مع زوجي إلى فرنسا لقضاء ما يسمى بشهر العسل ، وكان مما لفت نظري هناك ؛ أنني عند ما ذهبت للفاتيكان في روما وأردت دخول المتحف البابوي أجبروني على ارتداء البالطو أو الجلد الأسود على الباب .. هكذا يحترمون ديانتهم المحرفة .. وهنا تساءلت بصوت خافت .. فما بالنا نحن لا نحترم ديننا ؟؟!
وفي أوج سعادتي الدنيوية المزيفة قلت لزوجي أريد أن أصلي شكراً لله على نعمته ، فأجابني : افعلي ما تريدين ، فهذه حرية شخصية (!!! ) .
وأحضرت معي ذات مرة ملابس طويلة وغطاء للرأس ودخلت المسجد الكبير بباريس فأديت الصلاة ، وعلى باب المسجد أزحت غطاء الرأس ، وخلعت الملابس الطويلة ، وهممت أن أضعها في الحقيبة ، وهنا كانت المفاجأة .. اقتربت مني فتاة فرنسية ذات عيون زرقاء لن أنساها طول عمري ، ترتدي الحجاب .. أمسكت يدي برفق وربتت على كتفي ، وقالت بصوت منخفض : لماذا تخلعين الحجاب ؟ ! ألا تعلمين أنه أمر الله !! .. كنت أستمع لها في ذهول ، والتمستْ مني أن أدخل معها المسجد بضع دقائق ، حاولت أن أفلت منها لكنَّ أدبها الجم ، وحوارها اللطيف أجبراني على الدخول .
سألتني : أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟ .. أتفهمين معناها ؟؟ .. إنها ليست كلمات تقال باللسان ، بل لا بد من التصديق والعمل بها ..
لقد علمتني هذه الفتاة أقسى درس في الحياة .. اهتز قلبي ، وخضعت مشاعري لكلماتها ثم صافحتني قائلة : انصري يا أختي هذا الدين .
خرجت من المسجد وأنا غارقة في التفكير لا أحس بمن حولي ، ثم صادف في هذا اليوم أن صحبني زوجي في سهرة إلى ( كباريه .. ) ، وهو مكان إباحي يتراقص فيه الرجال والنساء شبه عرايا ، ويفعلون كالحيوانات ، بل إن الحيوانات لتترفع من أن تفعل مثلهم ، ويخلعون ملابسهم قطعة قطعة على أنغام الموسيقى .. كرهتهم ، وكرهت نفسي الغارقة في الضلال .. لم أنظر إليهم ، ولم أحس بمن حولي ، وطلبت من زوجي أن نخرج حتى أستطيع أن أتنفس .. ثم عدت فوراً إلى القاهرة ، وبدأتُ أولى خطواتي للتعرف على الإسلام .
وعلى الرغم مما كنت فيه من زخرف الحياة الدنيا إلا أنني لم أعرف الطمأنينة والسكينة ، ولكني أقترب إليها كلما صليت وقرأت القرآن .
واعتزلت الحياة الجاهلية من حولي ، وعكفت على قراءة القرآن ليلاً ونهاراً .. وأحضرت كتب ابن كثير وسيد قطب وغيرهما .. كنت أنفق الساعات الطويلة في حجرتي للقراءة بشوق وشغف .. قرأت كثيراً ، وهجرت حياة النوادي وسهرات الضلال .. وبدأت أتعرف على أخوات مسلمات ...
ورفض زوجي في بداية الأمر بشدة حجابي واعتزالي لحياتهم الجاهلية ، لم أعد اختلط بالرجال من الأقارب وغيرهم ، ولم أعد أصافح الذكور ، وكان امتحاناً من الله ، لكن أولى خطوات الإيمان هي الاستسلام لله ، وأن يكون الله ورسوله أحب إليَّ مما سواهما ، وحدثت مشاكل كادت تفرق بيني وبين زوجي ، ولكن ، الحمد لله فرض الإسلام وجوده على بيتنا الصغير ، وهدى الله زوجي إلى الإسلام ، وأصبح الآن خيراً مني ، داعية مخلصاً لدينه ، أحسبه كذلك ولا أزكي على الله أحداً .
وبرغم المرض والحوادث الدنيوية ، والابتلاءات التي تعرضنا لها فنحن سعداء ما دامت مصيبتها في دنيانا وليست في ديننا ) ( ) .
توبة الممثلة الإماراتية نورية سليمان
بعد عامين فقط من دخولها ( الوسط الفني ) هجرت المسرح والتمثيل، وعادت إلى الله عز وجل ..
نورية سليمان .. خريجة قسم الإعلام عام 1989م ..
وقد عملت في تلفزيون دبي عام ( 1990- 1991 ) ...
تقول في بداية حديثها :
( أولاً ، أود أن أقدم توضيحاً بين يدي هذا الحديث ؛ وهو أن وجودي في الوسط الفني كان محدوداً ، فأنا دخلته عام 91 لأمثل في مسرحية ( حبة رمل ) والتي تم عرضها في مهرجان القاهرة للمسرح مدة يومين ، ثم بعد رجوعي من هناك ابتعدت عن الفرقة رافضة المشاركة في عرض المسرحية نفسها في الإمارات ، ثم عدت للمسرح ثانية لأقدم مسرحية ( جميلة ) في العام الماضي والتي عُرضت عدة أسابيع في الإمارات ثم ابتعدت من جديد ورفضت السفر مع الفرقة لعرضها في مهرجان القاهرة للمسرح في العام نفسه ، فالمسرح لم يكن كل حياتي في يوم من الأيام لكنه إحدى الهوايات التي أحببتها وطغت على غيرها من الاهتمامات والهوايات ردحاً من الزمن .
النقطة الثانية في هذا التوضيح أن اعتزال الوسط الفني - أو ما يسميه البعض بالعفن الفني – لا يعني بالضرورة الالتزام بالحجاب عندي ، فقد كان بالإمكان أن أبتعد عن المسرح مع الاستمرار في حياتي الخاصة على النحو الذي كنت عليه في المرحلة الماضية قبل التزامي ، لكن قراري الذي أحدث تغييراً شاملاً في حياتي ؛ كان اعتزال المسرح من ضمن جزئياته . إنه قرار كبير ولله الحمد شمل تفاصيل حياتي اليومية .. طريقة تفكيري .. مظهري.. معاملاتي ... هواياتي .. أصبحت أحاول جاهدة أن أجعل رضا الله المعيار الأول والأخير لتقييم كل الأشياء حولي .. فالقرار كان التغيير ، وكل الأحداث الأخرى من الالتزام بالحجاب ، والابتعاد عن المسرح وغير ذلك إنما ترتبت على هذا التغيير الذي وفقني الله إليه .
أما بالنسبة للأسباب الخاصة التي دفعتني لاعتزال الوسط الفني فهي عدم الرضا عن نفسي ، ثم نمو الوعي الديني ، والتوجيه المستمر والتشجيع من أقرب الناس إلىّ : زوجي الذي وفر لي كل الأجواء النفسية والحياتية ..
وأما ما يخص الوسط الفني فهو لما رأيته من ضياع القيم الأخلاقية مما كان له أثر سلبي عنيف على مفاهيمي وقناعاتي ، هذا ما دفعني لرفض الاستمرار في هذا الوسط ، وقد فرح أهلي وزوجي بشدة وشجعوني على الاستمرار في الخط الجديد لحياتي ، كما كانت هناك بعض التبريكات من بعض زملاء المهنة ، إلا أن الكثير منهم وصفني بالرجعية والتعجل في اتخاذ القرار (!!) ، والغباء بإضاعة فرص النجاح في المسرح (!! ) ، خاصة وأن مسرحيتي الأخيرة كانت في أوج نجاحها عند ما تركت كل شيء وراء ظهري ( ) .
توبة راقصة جزائرية
نَشَأتْ في أرض المليون شهيد ... ونتيجة لتربية خاطئة ؛ انحرفتْ عن الصراط السوي ، فتلقفتها امرأة يهودية لترسلها إلى باريس وتصنع منها راقصة (!! )) .
اسمها خديجة المداح ، وعرفها رواد الفسق والضلال بـ ( هدى !! الجزائرية ) .
تقول خديجة : ولدت في منطقة الشلف ، في أسرة متدينة ، لكن أحد أفرادها – سامحه الله وغفر له – كان متشدداً لدرجة الغلو ، فعند ما كنت طفلة كان يؤثر ضربي المبرح بدلاً من تعليمي أصول ديني الحنيف ، وحدث أن طُلِّقتْ والدتي فتفكك شمل الأسرة ، وهربتُ من البيت ، ومن هنا كانت البداية .
انضممت إلى فرقة ( محي الدين !! ) ثم إلى العمل في بيت امرأة يهودية ، فما كان منها إلا أن أوفدتني للعمل في باريس كمُهرِّجة مع يهودي وأخر فرنسي ، كان دوري يتلخص في ارتداء الزي الجزائري والسخرية منه ليضحك الجمهور ..
وفي باريس تعرفت على ليلى الجزائرية التي كانت تعمل مع فريد الأطرش ، فرشحتني للعمل كراقصة ، وكنت في كل يوم أقترب كثيراً من حياة الضلال . لم أفق مما أنا فيه فجأة .. كلا ؛ بل منذ اليوم الأول وأنا أشعر بالندم والحسرة على السير في هذا الطريق ، وتأنيب الضمير بما تبقّى لديّ من فطرة .
ثم جاءت اللحظة الحاسمة ، وجريت إلى سكنى ، واكتشفت أني ما زلت حية ، وأن ضميري ما زال حيا ، وأنه لا ييأس من رَوح الله إلا القوم الكافرون .. قرأت كثيراً ، وبكيت كثيراً ، وما زلت أبكي على ما مضى من عمري ، لكنني أرجو رحمة ربي ، وأدعوه جل شأنه أن يتقبل توبتي ( ) .
توبة محامية شهيرة
كانت محامية شهيرة .. وفجأة اعتزلت المحاماة وارتدت الحجاب ، وتحولت إلى داعية تتردد على المساجد لإلقاء دروس الوعظ والإرشاد على بنات جنسها .
كشفت سر هذا التحول فقالت :
في أثناء تأديتي للعمرة وجدت نفسي أبكي ، وكلما بكيت أحسست بنقاء وشفافية ، وفي لحظات قررت اعتزال مهنتي . .وبعد أن حاكمت نفسي ؛ وجدت كل ذرة في كياني تؤيد ذلك القرار ، وحين عدت إلى بيتي تخلصت من جميع الملابس التي لا تتفق مع الزي الإسلامي وارتديت الحجاب ، ورفضت مقابلة العملاء الذين كانوا يأتونني من قبل بصفتي محامية ( ) .
أما أفراد أسرتي فقد اقتنعوا جميعاً بهذا القرار إلا خطيبي الذي هددني بالطلاق قبل الدخول وكان قراري أسبق من قراره ؛ إذ أعلنت له رغبتي في عدم إتمام هذا الزواج إذا تعارض مع ما قررته لأكون امرأة مسلمة حقاً ، وكانت قسيمة الطلاق آخر شيء يربطني بعالَم لا أريده ( ) .
توبة فتاة مصرية ( )
تقول هذه الفتاة :
تجولت مع أسرتي في أكثر من دولة عربية كانت بلاد الحرمين هي آخرها .. والدي خريج أزهري متدين ومدرس للدراسات الإسلامية ، أما والدتي فثقافتها الإسلامية قليلة جداً ، لذا فهي دائمة الخلاف معي حول مسائل دينية في الحياة .. أثناء سفراتي المتعددة لاحظت أن بعض نساء الريف يلبس ملابس طويلة ساترة ، ولا يظهرن أما الرجال الأجانب ( غير المحارم ) ، ولكني اعتقدت أنهن يلبس هذا اللباس اتباعاً لعادات وتقاليد تمسكن بها ، ولم أعرف أنها إسلامية ، لم أعرف في حياتي شيئاً اسمه الحجاب رغم سفري المتعدد ، رغم أن والدتي تلبس ملابس طويلة ، وتغطي شعرها بـ ( إيشارب ) ، ولما استقرينا في مصر لأول مرة ، وانتقلت إلى المرحلة الثانوية ، جلست بجواري فتاة محجبة .. سألتني من أول يوم : لماذا أنت لستِ محجبة يا .. ؟! ولكني لم أرد عليها ، وإنما اكتفيت بالنظر إليها باستغراب ، ثم تركتها وانصرفت ، لكنها لم تتركني فأخذت تعلمني طوال العام تعاليم الدين ، وأشياء لم أتصور في يوم من الأيام أنها محرمة ، فالحجاب – مثلاً – لم أكن أعلم أنه فرض على كل مسلمة حتى أخبرتني بذلك ، ومما ساعدني على تقبّل نصائحها أنني كنت أحبها لأدبها وحيائها ، واجتهادها في الدراسة .
وانتهى العام الدراسي ، وأحسست بالوحشة لابتعادي عنها ، وابتعدت رويداً رويداً عن الاهتمام بالحجاب ، وكنت أنظر إلى الفتيات المحجبات وأتمنى أن أكون مثلهن وأن أغطي وجهي ، كما كنت – في الوقت نفسه – أنظر إلى الفتيات السافرات فأطمح أن أكون مثلهن في اهتمامهن بأنفسهن وحركتهن .. أصبحت هكذا في دوامة إلى أن سافرنا مع والدي إلى السعودية وهي البلد الوحيد حسب علمي الذي ليس فيه مدارس مختلطة في جميع المراحل الدراسية . .
كنت آنذاك قد نجحت إلى الصف الثالث ، فالتحقت بإحدى المدارس الثانوية للبنات فرأيت الفتيات وجمالهن في المدرسة ومدى الحرية التي يتمتعن بها حيث يتعلمن ويسرحن ويمرحن دون أن ينظر إليهن رجل ثم يخرجن من المدرسة وهن يرتدين الحجاب ويغطين وجوههن ،.. تأثرت كثيراً بهذا المنظر الرائع ، وعند ما خرجت من المدرسة وأنا أغطي وجهي كنت في غاية السعادة وكأنني ملكة قد لبست أفخر الثياب .
وفي العطلة الصيفية كنا نخرج أنا وأسرتي إلى السوق لشراء بعض الحاجات ، فيبهرني ما فيه من الحياة الناعمة ، والسيارات الفاخرة ، و ( الاكسسوارات ) والذهب والملابس ، وسائر المتع والملذات الدنيوية ، الزائفة ، فقد كان لها في عيني بريق خاص ، فقلت لنفسي ، لا بد أن أحقق أمنياتي ؛ وهي أن أكون (فنانة ) ؛ ممثلة .. أو مغنية .. أو ملحنة .. أو مضيفة في طائرة ... هذا ما كانت تحدثني به نفسي الأمارة بالسوء ، وحينما أعود إلى البيت أتخيل نفسي وقد أصبحت ثرية ، وتأخذني الأماني الكاذبة ، والدنيا بزخرفها الزائل ..
وبعد انتهاء الإجازة الصيفية ، عدنا إلى المدرسة ، وكنت قد أعدت السنة بسبب بعض الظروف المتعلقة بانتقالنا من مصر ، وفي المدرسة بدأت أكوّن صداقات كثيرة مختلفة ، وأثناء الفسحة المدرسية أجلس في مصلى المدرسة لأستمع إلى الدروس والندوات التي تُلقى ، فأخرج منها في كثير من الأحيان وأنا باكية وفي داخلي عزم أكيد على أن أكون صالحة مستقيمة ، وميزتي أنني لا أكره النصيحة ، بل هي شيء محبب إلى نفسي وخاصة إذا صدرت من أهل الدين والصلاح أو كبار السن المتدينين ، فتظل عالقة في ذهني أتذكرها دائماً ، وأعمل بها بكل صدق وأمانة قدر طاقتي ووسعي ..
هذه الحياة المدرسية القصيرة التي لم تتجاوز الأشهر جعلتنني أفكر كثيراً ، وأعرف الكثير عن ديني .. حلاله وحرامه .. كنت – مثلاً – أعتقد وأنا في مصر أن غطاء الوجه فضيلة وليس بواجب ن ولكن عند ما قدمت إلى هذه البلاد ، وبسماعي للأشرطة وقراءتي للكتب ؛ عرفت أنه واجب ، وعند ما دخلت هذه الكفرة في رأسي ، واقتنعت بها ؛ فكرت أن ألبس الحجاب المصري ( وهو خمار فوق الرأس إلى منتصف الجسد ثم تحته فستان واسع ) ولكني سمعت شيخاً يقول إن الحجاب لا بد أن يكون من أول الرأس إلى أسفل القدمين قطعة واحدة فيغطي جميع البدن ( ) ، عندها صممت أن ألبس العباءة .. لا لأكون سعودية ، بل لأكون مسلمة حقيقة أتّبع ما يريده الله عز وجل ..
ولكني بعد هذا التغُّير الذي طرأ على حياتي ؛ سألت نفسي مرة : كيف أغطي وجهي وألبس العباءة وأنا أريد أن أكون فنانة ومضيفة .. ؟! فقلت لنفسي : إني أحب التدين ، وإذا تزوجت أحب أن يكون زوجي صالحاً ، وأن يكون أولادي كذلك مثل أولاد المسلمين الأوائل . فإذا أصحبت فنانة ، فلا بد أن ينحرف أولادي ، وكذلك زوجي .. لا ، بل سيتعدى ذلك إلى إخواني البنين الذين هم في سن المراهقة ، وسيندمجون مع أولاد الطبقات الفاسدة التي لا تعرف إلا طريق الفساد والانحراف .. وأختي ، أكيد أنها ستنزع الحجاب ، وأمي ، وأبي .
وإذا أصبحت مضيفة فمن يضمن لي ألا أحترق في الطائرة فأكون قد خسرت الدنيا والآخرة .. تساؤلات كثيرة ومثيرة كادت تحطم رأسي فأحس به يكاد ينفجر .. لقد تواردت عليَّ تلك التساؤلات دفعة واحدة ، فسيطرت على كياني وكأنها شبح يخنقني ، ولا يفارقني حتى وأنا أقوم ببعض أعمال البيت ، فأترك ما في يدي ، وأضرب رأسي بكفي ، وأقول : كفى .. كفى .. لن أتخلى عن الفن مهما كانت العواقب ...
أحسست أن هناك صراعاً داخلياً في نفسي بين شخصيتين ؛ الأولى : تقول لي : إياك أن تبتعدي عن الفن ... إنه حلم حياتك .. إنه المجد والشهرة والغنى والسعادة ...!
والثانية : تأمرني بأن أبتعد عن الفن ، وتقول لي : إياك إياك .. فإنه الخسران المبين ، وسوف تندمين . .
واحتدم الصراع في داخلي ، حتى انتهيت إلى قرار يريحني ويرضاه عقلي ، وقبل ذلك يرضاه ربي وخالقي ... فقد رفضت أن أكون فنانة ماجنة ، أو دمية متحركة باسم الفن ، أو خادمة باسم مضيفة ، واستسلمت لله ، وقلت : ما أحلى الحياة مع الله والعيش في كنفه ، وسحقاً لهذه الدنيا الزائلة ، وملذاتها وبريقها الخادع :
((مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )) ( النحل : 97) .
وبعد هذا القرار أصبحت أكثر اطمئناناً .. لا أرهب الموت ، ولا أقيم للدنيا ووزناً .. أنظر إليها وكأن أجلي سيكون غداً أو في أقرب لحظة ، وكلما رأيت شيئاً جميلاً أو حديقة غناء أقول لنفسي الجنة أجمل وأدوم ، وكلما رأيت نفسي تجنح لسوء أو شيء يغضب الله عز وجل أتذكر على الفور جنة الخلد ونعيمها السرمدي الأبدي ، وأتذكر لسعة النار على يدي فأفيق من غفلتي .. هكذا كنت أدرِّب نفسي بنفسي على تقوى الله عز وجل والخوف منه .. وكما كنت في الماضي أتشوق إلى أن أكون داعية لديني ..والحمد لله أني تخلصت من كل ما يغضب الله عز وجل من مجلات ساقطة ، وروايات ماجنة وقصص تافهة ، أما أشرطة الغناء فقد سجلت عليها ما يرضي الله عز وجل من قرآن وحديث .. كل ذلك حدث بعد تأديتي فريضة الحج للمرة الثانية ، وقد أديت عمرتين في رمضان والله الحمد .
أختي الفاضلة : ألا ترين أن الله كان معي حيث أنقذني من الضلال ، وجاء بي إلى هذه الأرض المقدسة ، ولبست الحجاب الشرعي ، وتخلصت من الأفكار الفاسدة التي كانت تجول في خاطري ..وأيضاً أصبحت حاجَّة ومعتمرة وأنا في زهرة شبابي .. حقيقية .. إنها نعم عظمية أجد نفسي عاجزة عن شكرها والثناء على مسديها سبحانه وتعالى مهما لهج لساني بشكره ، وكَلَّتْ جوارحي بالعمل فيما يرضيه ..
وأخيراً ، نصيحة غالية أقدمها للفتاة السعودية :
تمسكي بحجابك المميز ؛ فإنه رمز عفتك وشرفك ، وعزتك وجمالك الحقيقي ، وإياك أن تتخلي عنه مهما كانت الضغوط ومهما كانت الأحوال .. تمسكي به واحرصي عليه كحرصك على الحياة . أنت يا فتاة الجزيرة أكثر الفتيات حظاً في الدنيا – والآخرة إن شاء الله – لأنك أكثر فتاة في العالم تنعم بالحرية .. إنها حرية مع مراعاة حدود الله ، والدليل على ذلك أني مصرية ، وألبس النقاب في بلدي .. ألبسه في المحاضرات فتحتبس أنفاسي وأنا جالسة لمدة ساعتين أو أكثر بسبب الاختلاط ووجود الرجال ، أما أنت فتدخلين المدرسة أو الكلية وليس فيها رجل واحد ، فتكشفين وجهك وشعرك دون أن يعكر صفوك رجل يختلط بك .
احذري أن تقول إن الفتاة المصرية أو غيرها تتمتع بالحرية .. لا وألف لا ، بل أنت التي تنعمين بأكبر قدر من الحرية والاحترام ، وأما حرية الفتاة المصرية – حرية الاختلاط والتبرج والسفور – فنحن لا نسميها حرية ، بل هي عبودية للنفس والهوى والشيطان ، ورق عصري في ثوب جديد حيث تتحول المرأة إلى دمية متحركة لا روح فيها ولا حياة .
أختك في الله ..........
مصر
توبة فتاة في روضة القرآن ( ) .
تقول هذه التائبة :
أنا طالبة في المرحلة الثانوية ، أعيش في دولة الإمارات العربية ولها معزة خاصة عندي ، ففي هذا البلد اختار الله لي طريق الهداية .
منذ قدومي إلى هذه البلد الشيق وأنا قد عقدت حلفاً مع حضرة الأستاذ الموقر !! ( التلفزيون ) ... كنت لا أفارقه لحظة .. لا أترك مسلسلاً ولا برنامج أطفال ولا أغنية ولا تمثيلية إلا وأشاهدها ، فإذا ما جاء برنامج ثقافي أو ديني فسرعان ما أغلق الجهاز ، فتسألني أختي : لِمَ فعلتِ ذلك ؟! فأجيبها بخبث محتجة بكثرة الواجبات المدرسية والمنزلية ، فتقول لي : الآن تذكرتِ الواجبات !! أين كنت عند مشاهدتك لتلك المسلسلات والأغاني والبرامج التافهة ؟! فلا أرد عليها .
أختي هذه كانت بعكسي تماماً .. منذ أن علمتها أمي الصلاة لم تتركها إلا لعذر شرعي ، أما أنا فلا أحافظ عليها ، بل لا أكاد أصليها إلا في الأسبوع مرة أو مرتين ..
لقد كانت أختي تتجنب التلفاز بقدر الإمكان ، وقد أحاطت نفسها بصديقات صالحات يساعدنها على فعل الخير ، وقد بلغ من صلاحها أن خالتي لم أسقطت طفلها وهي في المستشفى وكانت في غيبوبة ؛ رأت أختي وهي تلبس ملابس بيضاء جميلة وهي تطمئنها ، فاستيقظت خالتي وهي سعيدة مطمئنة القلب .
كانت دائماً تُذَكِّرني بالله وتعظني ، فلا أزداد إلا استكباراً وعناداً ، بل كانت ساعات جلوسي أمام التلفاز تزداد يوماً بعد يوم ، والتلفاز يتفنن في عرض أنواع من المسلسلات التافهة والأفلام الهابطة ، والأغاني الماجنة التي لم أدرك خطورتها إلا بعد أن هداني الله عز وجل ، فله الحمد وله الشكر .
كنت أفعل ذلك كله وأنا في قرارة نفسي على يقين تام من أن ذلك حرام ، وأن طريق الهداية واضح لمن أراد أن يسلكه ، فكانت نفسي كثيراً ما تلومني ، وضميري يعذبني بشدة ، لا سيما وأن الأمر لم يكن مقتصراً على ارتكاب المعاصي بل تعداه إلى ترك الفرائض .. لذا كنت دائماً أتجنب الجلوس بمفردي ، حتى عندما أخلد إلى النوم والراحة فإني أحاول أن أشغل نفسي بكتاب أو مجلة حتى لا أدع مجالاً لتوبيخ النفس أو تأنيب الضمير .
وظللت على هذه الحال مدة خمس سنوات حتى كان ذلك اليوم الذي اختاره الله لي فيه طريق الهداية .
كنا في إجازة نصف السنة ، وأرادت أختي أن تلتحق بدورة في تحفيظ القرآن الكريم بإحدى الجمعيات الإسلامية ، فعرضت عليَّ أن أذهب معها ، فوافقت أمي ، ولكني رفضت .. بل رفضت بشدة ، وأقمت الدنيا وأقعدتها ، وقلت بأعلى صوتي : (( لا أريد الذهاب ) ... وكنت في قرارة نفسي عازمة على العكوف أمام ذلك الجهاز الذي أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتي العابثة .. فما لي ولحلقات تحفيظ القرآن ..
حب القرآن وحب ألحان الغنا في قلب عبدٍ ليس يجتمعان
وحضر أبي .. فشكوت له ما حدث ، فقال : دعوها ، ولا تجبروها على الذهاب واتركوها على راحتها . .
وكانت لي عند أبي معزة خاصة لأني ابنته الوسطى فليس لي سوى أختي الكبرى ، وأخي الذي يصغرني بكثير ، وقد قال ذلك وهو يظن أني محافظة على صلاتي ، ولم يكن يعلم بأن الأمر مختلف جداً .. صحيح أني لم أكن أكذب عليه حينما يسألني ( أصليتِ ؟) فأقول : نعم ... فقد استطعت أختي أن تخلصني من داء الكذب ، ولكن كنت أقوم فأصلي أمامه عندما يكون موجوداً ، فإذا ذهب إلى عمله تركت الصلاة ، وكان أبي يمكث في عمله من 3- 4 أيام .
وذات يوم ، طلب مني أبي بلطف أن أرافق أختي ولو مرة واحدة ، فإن أعجبني الحال وإلا فلتكن المرة الأولى والأخيرة ، فوافقت لأني أحب أبي ولا أرد له طلباً ..
وانطلقت إلى روضة القرآن ..
وهناك .. رأيت وجوهاً متوضئة مشرقة بنور الإيمان ، وأعيناً باكية لم تدمن النظر إلى الحرام مثل ما كنت أفعل ؛ فتمالكني شعور فياض لا أستطيع له وصفاً .. شعور بالسعادة والرهبة ، يخالطه إحساس بالندم والتوبة ، وأحسست بأني قريبة من الله عز وجل ، فرقَّ قلبي ، وانهمرت دموعي ندماً على الأوقات التي ضيعتها في غير مرضاة الله .. أمام شاشة التلفاز ، أو في مجالس اللغو مع رفيقات السوء اللاتي لا هم لهن إلا القيل والقال ..
كم كنت غافلة عن مثل هذه المجالس التي تحفها ملائكة الرحمن ، وتتنزل على أهلها السكينة والرحمة والإيمان .
( لقد منّ الله عليَّ بالحياة في ظلال القرآن فترة من الزمن ، ذقت فيها من نعمته ما لم أذقه قط في حياتي .. عشت في ظلال القرآن هادئة النفس ، مطمئنة السريرة ، قريرة الضمير ، وانتهيت إلى يقين جازم حاسم أنه لا صلاح لهذه الأرض ، ولا راحة لهذه البشرية ، ولا طمأنينة لهذا الإنسان ، ولا رفعة ولا بركة ولا طهارة .. إلا بالرجوع إلى الله ..
إن الحياة في ظلال القرآن نعمة ، نعمة لا يعرفها إلا من ذاقها.. نعمة ترفع العمر وتباركه وتزكيه .. ) ( ) .. فما أروع العيش في ظلال القرآن .
نعم .. لقد هداني الله عز وجل .. وقد كنت أبارزه بالعصيان ، وأقدم ما يرضي نفسي على ما يرضيه – سبحانه – وما يأمرني به الشيطان على ما يأمر به الواحد الديان .
باختصار ؛ لقد كنت غافلة فأيقظني القرآن :
(( إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً )) ( الإسراء : 9) .
واليوم ، أتساءل :
كيف كنت سأقابل ربي لو لم يهدني .. حقاً إنني خجلة من نفسي ، وقبل ذلك من ربي ، وصدق القائل :
فيا عجباً كيف يعصي الإلــ هُ أم كيف يجحده الجاحدُ
وفي كل شيء لــه آية تدل على أنـه واحدُ
أتوب إليك ربي ، واستغفرك ، إنك أنت التواب الرحيم ..
أختي الحبيبة : حلقات تحفيظ القرآن بانتظارك فلا تترددي في الالتحاق بها
والله يحفظك ويرعاك
أختكِ / طالبة في المرحلة الثانوية
الإمارات .
روب التخرج ( )
لم تعرف ليلى كتّاب القرية كسائر الأطفال ،فلقد كانت بنت كبير الملّاك ، وكان أبوها يعتبرها ( ياسمينة البيت ) ، فكانت تنظر إلى القرية وأطفالها من برج عاجي وقد أقامت بينها وبينهم حاجزاً نفسياً رهيباً تبدو مظاهره في سور قصرها العالي ، وطبعها المتعالي .. استأجر لها والدها مدرِّسة تعلِّمها اللغة الأجنبية ، أما أزياء ملابسها فقد كانت تأتي خصيصاً من ( بيير كاردن ) و ( كرستيان ديور ) .. وفي مدرسة ( سان جورج ) كان محضِنها الأول .
وكبرت ليلى ، وافتتنت بالثقافة الغربية أشد الافتتان ، وحينما حصلت على بعثة من الجامعة إلى ( السربون ) ؛ جعلت اسم الرسالة : ( أهمية الفكر الغربي في بناء الحضارة الإنسانية ) !!! .
ومضى عليها ، في السربون أربع سنوات انتهت خلالها من الرسالة .. كانت كثيراً ما تحلم بحفل التخريج ، وروب التخرج ، وصوره التذكارية .. فها قد آن الآوان لشراء الروب لمثل هذا الحدث الهام في تاريخها الدارسي ..
ونزلت إلى شوارع باريس لشراء الروب .. وأثناء رجوعها مرت على زميلها ( آن ) كي تشاركها الفرحة ، فسألتها آن : هل تعرفين يا ليلى حكاية هذا الروب ؟ .
قال : لا .. لم أسأل نفسي يوماً ما هذا السؤال ، كل ما أعرفه أنه تقليد غربي ..
قالت لها آن: لا يا ليلى .. لقد كانت جامعات الأندلس الإسلامية منارات في غرب أوروبا للعلم والثقافة ، وكان خريجوها – من أبناء الغرب – يلبسون الروب أو العباءة العربية حتى يتميزوا بأنهم النخبة في المجتمع الأوروبي بعلمهم وثقافتهم التي تلقوها على أيدي الأساتذة المسلمين .حتى أصبح تقليداً غربياً .
كان وقع الإجابة بمثابة الصدمة بالنسبة لليلى ، وهي التي أضاعت حياتها منذ نعومة أظفارها في محاضن الفكر الغربي .. ابتداءً من ( سان جورج ) حتى ( السربون ) .
تمتمت ليلى : نحن الأصل ؟!! نحن الأساس ؟!! .
وتذكرت كلمات جدتها لها : (( يا بنيتي، إن الشخصية الإسلامية هي الشخصية السوية )) .
وعادت ليلى من السربون وهي تحمل الشهادة .. ولكنها تحمل في داخلها غصة على مُلْك الأندلس المضاع .. وعلى سنوات قضتها في البحث عن أهمية الفكر الغربي ..
عادت ليلى ولكن بفكر جديد ، ورسالة جديدة هي : كيف تعلم طالباتها في الجامعة أهمية الفكر الإسلامي في بناء الحضارة الإنسانية .. وكيف نجنب أطفالنا السلبيات التي وقعنا فيها .
عادت ليلى ولم تعد تنظر إلى الكُتاب من برجها العاجي ، بل بنظرة كلها إكبار واحترام ..
وتمر الأيام . وتتزوج ليلى ، وترسل أولادها إلى الكُتَّاب . حتى يستعدوا مجد الأجداد .. الغافقي وابن زياد .
توبة فتاة جزائرية ( ) .
تقول هذه الفتاة :
نشأت في مجتمع يرى الناس فيه أن عبادة الله لا تتمثل إلا في أداء بعض الشعائر التعبدية كالصلوات الخمس وصوم رمضان والحج .. إلخ ، وهي مع هذا تقتصر على كبار السن والعجائز ، أما الصغار فلا أحد يأمرهم ولا ينهاهم .
ودخلت المدرسة .. وبعد ثلاث سنوات من الدارسة ؛ رأيت تلميذتين فقط من قسمنا تؤديان الصلاة ، فحزَّ في نفسي ، وقلت لِمَ لا أصلي وقد تعلمت في المدرسة كيفية أداء الصلاة ، وعرفت أنها واجبة على كل مسلم صغيراً كان أو كبيراً ..
ومنذ ذلك اليوم بدأت أصلي ، ولكنَّ الصلاة وحدها لا تكفي ، لِمَ لا أحفظ شيئاً من القرآن ؟ .. لِمَ لا أرتدي الحجاب ؟ .. لمَِ أستمع إلى الغناء المحرم ، وأراه مباحاً ؟ .. لِمَ ..ولِمَ ... كل هذه الأفكار والخواطر كانت تتردد في ذهني ..
ولما قاربت سن البلوغ – وكان ذلك عام 1980م، وهي السنة التي انتشرت فيها ظاهرة الحجاب (( إن صح التعبير )) ( ) – رأيت أختين شقيقتين في مدرستنا ترتديان الحجاب ، فكنت أوليهما احتراماً بالغاً أكثر من غيرهما ، بيد أني لم أكن بعدُ أدرك كنه هذا الحجاب ، لكنني كنت محتارة ومرتابة فيما يقوله الناس عنه من أنه بدعة (!!! ) .. وإخفاء للحقائق والشخصية ( !! ) ..
وهنا أتذكر حادثة وقعت لي بعد أن عرفت فرضية الحجاب ، وهي أن الشيطان تمثل لي في شخصية ابنة عم لي كانت تهوي الفسق والغناء الماجن ، ففي أحد الأيام عدت من المدرسة ؛ فسمعتها تطعن في الحجاب والمحجبات ، فقلت لها في غضب : أتقولين هذا ؟! .. فأنا أيضاً سأرتدي الحجاب ، فردت عليَّ بسخرية وخبث .. ولِمَ تخفين جمالك ؟! فأنت ما زلت صغيرة ..
هذه الحادثة أثّرت في نفسي ، وجعلتني أتخذ قراراً بأن أرتدي الحجاب ، وفي أقرب وقت ..
وبعد أيام ؛ زرت إحدى قريباتي ، ولما أردت الخروج إلى منزلي قدّمت لي جلباباً وخماراً .. لم أسألها عن السبب ، لأني أدركت أنها تدعوني لارتدائه ، ثم أردفَتْ قائلة : ربما يأتي يوم وتحتاجينه ...
وتحق كلامها ، فجاء يوم وأردت الخروج ، فتذكرت الحجاب فلبسته دون تفكير ، وخرجت به لأدع الناس من حولي يندهشون ، ثم ينقلب هذا الاندهاش من البعض إلى سخرية واستهزاء ..
لكنني وقد مضى على ارتدائي للحجاب خمسة أعوام ، أتذكر العامين السابقين لاحتجابي ، ولا أقول إلا الحق ، فخلالهما لم أذق طعم النوم لخوفي الشديد أن يتوفاني الله وأنا على تلك الحال ، فبأي وجه سأقابل ربي بعد سماعي لكلامه وعصياني له ، خاصة عند ما أستعرض سورة النور – وقد حفظتها ولله الحمد كاملة – وكذلك حين أتذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : ( نساء كاسيات عاريات مائلات .. )) الحديث .
وختاماً أقول لكل فتاة متبرجة : إلى متى ستظلين هدفاً للسهام المسمومة ، والأعين المحمومة .. أنسيت أن الله مطلع عليك .. أنسيت أم جهلت أم تجاهلت أن جمال المرأة الحقيقي في حجابها وحيائها وسترها .. ؟ !
أنسيت فاطمة التي لحجابها خضعت فرنسا والعصاة توتروا
ثبتت على إيمانها وتسامقت كالنخلـة الشمَّاء ، لا تتأثـرُ
أنسيتها أنسيت كيف تحدثت عنها الوسائل كيف عزّ المَخبَرُ
هيا أختي المسلمة ، قومي وتوضئي وصلي ، وعاهدي الله أن تلتزمي بالحجاب ..
توبة فتاة مستهترة ( ) .
في هدأة الليل ، وسكون البحر ؛ كانت الباخرة المصرية ( سالم إكسبرس ) تمخر عباب البحر الأحمر متوجهة إلى الميناء المصري ، وعلى ظهرها قرابة 500 راكب ما بين غافل لاهٍ – وهم الأكثر – ومصلٍّ ساجد ، وأراد قبطان الباخرة اختصار الزمن ؛ فسلك طريقاً غير المعتاد ، فوقعت الكارثة حيث اصطدمت الباخرة ببعض الجبال المرجانية الحادة ، مما أدى إلى غرقها .. وقد نجا من نجا ، وهلك من هلك ، وكل ذلك بتقدير من الله عز وجل ، وله الحكمة البالغة سبحانه ، وقد كان لهذه الحادثة الأليمة وقع كبير في نفوس الكثيرين ، منهم صاحبة هذه القصة حيث تقول :
أنا فتاة ، منّ الله عليّ بالهداية والاستيقاظ من الغفلة قبل فوات الأوان ، وإليكم قصتي لعل الله أن ينفع بها :
حياتي كلها كانت مختلطة متبرجة ، عشتها كما أردتها لنفسي ، كان لي دخل شهري جيد أتقاضاه من عملي ، ولكن الله نزع منه البركة فلم انتفع به نفعاً يذكر .. فقد كنت أنفق ثلاثة أرباعه في شراء الملابس الضيقة والقصيرة ، وأصباغ المكياج التي ألطخ بها وجهي كلما أردت الخروج ، ولا أشتري إلى أغلى العطورات الفواحة لدرجة أن بعض جيراني ورفقائي من (( الجنسين )) ( !!! ) كانوا يتنبئون بمقدمي من رائحة عطري الفواحة التي تُشم من على بُعد ( ) . .. كنت مغرمة باتباع ما تجلبه ( الموضة ) من قصات الشعر وتسريحاته ، ولا أرضى بعمل تسريحات شعري إلا عند ( الكوافير ) الذي لا يعمل به إلا الرجال ( !!! ) .. وكانت لي رحلات تنزه مختلطة كنا نقضيها في المزاح والغناء المحرم .. .وهذا والله ما يريده أعداء الإسلام من شباب المسلمين يريدون منهم أن يكونوا كالبهائم العجماوات .. لا همّ لهم إلا البحث عن الشهوات ( ) .
واذكر مرة أني كنت في رحلة مختلطة ، فكنا نغني ونسرد أنواع النكت والأهازيج .. مما جعل سائق الحافلة بتضجر وينزعج من أصواتنا العالية ، وأخذ ينظر إلينا بعين السخرية ، وأراد مرة أن يختبرنا فقال : هل أنتم تجيدون حفظ جميع الأغاني ؟ قلت له وبكل ثقة : نعم .. هل تريدني أن أغني لك ؟ لكنه لم يجبني ، ثم عاد وسأل مرة ثانية : هل تعرفون إجابة كل شيء ؟ .. قلنا جميعاً وبثقة متناهية : نعم نحن نعرف كل شيء .. فقال : إذن سأطرح عليكم سؤالاً فأجيبوني عليه : كم عدد أولاد النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟ . فتلعثمنا جميعاً ، ولم يستطع أحد منا الإجابة على هذا السؤال لجهلنا التام بالجواب .. إنها والله الحقيقة غير مبالَع فيها .. فأنا لم أستطع الجواب لأني كنت أسخر من الإخوة الذين باعوا هذه الدنيا الفانية بالآخرة الباقية ، وأستهزيء بالمحجبات ، وأطلق عليهن عبارات السخرية بملابسهن المحتشمة ..
وظللت على حالتي هذه إلى أن جاء موعد سفري إلى السعودية للعمل فيها ، وهناك ؛ فوجئت بأن النساء كلهن يرتدين الحجاب الكامل .. ظننت لأول وهلة أنه زِي ترتديه الموظفات عند خروجهن إلى العمل وسرعان ما يخلعنه في السوق أو الشارع .. فإذا بي أفاجأ بهن وهن يلبسنه في كل مكان بلا استثناء .. والله لم أكن أتصور أنه يوجد أحد في هذه الدنيا على مثل هذه الهيئة من الستر والاحتشام .
وبعد فترة وجيزة من قدومي قابلت في عملي أختاً صالحة تعرف من الدين ما قُدِّر لها معرفته ، فكانت تأمرني بالحجاب الشرعي ، فكنت أسخر منها ، ولا أطيق الجلوس معها لكثرة كلامها عن الدين والحجاب ، وعلى الرغم من نفوري منها إلا أنها لم تيأس من نصحي وتذكيري وإهدائي بعض الأشرطة والكتيبات النافعة التي يحتاجها أمثالي ، حتى بدأت أميل بعض الشيء إلى كلامها .
ودارت الأيام ، ورزقني الله بزوج صالح يعرف الله جيداً ، فأخذ يرغبني في الله ، ويأمرني بالصلاة ، فتأثرت بكلامه ، واستطاع بأسلوبه الطيب أن يجذبني إلى طريق الإيمان ويحببه إليَّ ، وإن كنت لما ألتزم بعدُ التزاماً كاملاً ..
فبينا أنا كذلك ؛ إذ هز مسامعي وزلزل كياني خبر كان وقعه عليَّ كالصاعقة .. إنه خير تحطم الباخرة المصرية (( سالم إكسبريس )) وغرقها في عمق البحر الأحمر .. لقد أحدث هذا الخبر هزة عنيفة في نفسي لم أتمالك معها عيناي حتى ذرفتُ دموعاً حارة ، وبكيت بكاءً مريراً ، فاستيقظت أخيراً من غفلتي ، وسألت نفسي سؤالاً صريحاً : إلى متى الغفلة ؟ إلى متى أظل أسيرة الهوى والشيطان والنفس الأمارة بالسوء ؟؟ .. ودارت في مخيلتي أسئلة كثيرة من هذا القبيل ، وبعد لحظات من التفكير ومحاسبة النفس ؛ نهضت مسرعة إلى تلك الأخت الفاضلة ( التي كنت أكره الجلوس معها سابقاً ) وبحوزتي جميع الأشرطة الغنائية التافهة فأعطيتها إياها للتسجيل عليها من تلاوات وخطب ومحاضرات إسلامية ..
وأعلنت توبتي النصوح ، وعاهدت ربي أن يكون هدفي في هذه الدنيا هو إرضاء الله عز وجل والاستقامة على دينه ، وحقيقة ، لم أكن أتخيل في يوم من الأيام أني سأرتدي الحجاب أو أقلع عن التعطر عند الخروج من المنزل ووضع المكياج ، وإني لأحمد الله عز وجل حمداً كثيراً على هدايتي واستيقاظي من غفلتي قبل حلول أجلي .. والله الموفق .
أختكم إيمان ...
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى